جمعية النقاد ندوة في سياق المئويّة تعاين النقد التشكيلي بين الواقع والمأمول

الدستور – نضال برقان

November 1, 2021
عقدت جمعية النقاد الأردنيين بالتعاون مع رابطة الفنانين التشكيليين يوم السبت الماضي ندوة نقدية بعنوان «النقد التشكيلي بين الواقع والمأمول « تمحورت حول النقد التشكيلي وعلاقته بالممارسات التشكيلية الاردنية، وتأتي الندوة، وهي السادسة لجمعية النقاد، في سياق سلسلة من الندوات تعكف الجمعية على إقامتها بمناسبة مئوية الدولة الأردنية. قدم فيها الفنان الشاعر محمد العامري قراءة نقدية فاحصة لسياق نشوء وتطور النقد التشكيلي في الأردن مشخصا الإشكاليات ومقترحاً الحلول اللازمة، وقد أدار الندوة الفنان غازي انعيم.
أثار الفنان عازي انعيم في مستهل تقديمه للضيف مجموعة من الإشكاليات التي تواجه الفن التشكيلي في الأردن كغياب مجلة خاضنة لهذا الفن في الأردن، ووجود فجوة بين الجمهور والفن التشكيلي، وغياب الدرس الأكاديمي لتعزيز فكرة الفن التشكيلي لدى الجمهور، مؤكدا على ضرورة فتح قنوات للتواصل بين الفنان التشكيلي والجمهور.
ومن أبرز الأسئلة التي أثارها العامري في محاضرته: هل بإمكاننا اليوم الحديث عن الكتابة النقدية وتتتبع تأثيرها على الحركة التشكيلية الأردنية؟ وهل توجد حقا تجارب نقدية على علاقة بالفن التشكيلي؟ وأي موقع تحتله الكتابة النقدية للممارسات التشكيلية؟ وهل يقوم هذا الخطاب النقدي بدوره دون عوائق أو منغصات وصولا إلى التهديدات الشخصية؟ وإلى أي مدى استطاعت الكتابة التشكيلية التفاعل مع مضامين ودلالات المنجز الفني؟
استهل الفنان العامري حديثه بقوله إن المتأمل في الفنون البصرية على اختلاف تصنيفاتها وتفريعاتها يجدها غالبا ما تعكس عمقا في الطرح والتناول سواء على مستوى التقني أو التعبير الجمالي الذي يكون شاهدا على قوة الفكرة وعمق المعنى في الأعمال. وبالتالي فإن الحديث عن المنجزات البصرية يدفعنا للتساؤل عن كيفية التواصل بين هذه الفنون والمتلقي الأمر الذي يفترض منا التطرق إلى واقع النقد وتشخيصه من خلال مساءلته وطرح الإشكاليات المتعلقة بمدى استجابته لوظائفه.
وفي سياق تأصيل العامري للنقد التشكيلي رأى أنّ الإرث الإنساني الحضاري الذي ورثته البشرية عبر الحقب الحضارية المختلفة أدى إلى ظهور النقد الفني نهاية القرن التاسع عشر في أوروبا، وذلك من اجل تفسير الأساليب الفنية من حيث المعاني والمضامين لخلق حالة فنية غنية تؤدي إلى إسعاد البشرية وإثراء الحضارة الإنسانية من خلال الفنون الجميلة الرائعة.

وشدد العامري على أنّ النقد الفني يجب أن يكون مدخلاً للتذوق الفني، يعين على التعريف بمكامن الجمال في العمل الفني، وهو في النهاية يقدم الحكم على العمل الفني والفنان المبدع، لذلك لا بد للناقد من الإلمام بتاريخ الفن، وفي مختلف العصور حتى يومنا هذا، ملماً بخصائص كل حضارة من الحضارات القديمة والمتوسطة والحديثة والمعاصرة، معرجاً على المدارس الفنية والأساليب الفنية الحديثة، مبيناً إبراز القيم الجديدة وتعريف الناس بها، لأن هذا السلوك الجيد من الناقد يبرز محاسن العمل الفني الجيد من أجل أن تستقيم المسيرة الفنية الجمالية.
ومن المعضلات التي تضع العقبات أمام مسيرة الفن التشكيلي دور بعض وسائل الإعلام القائم على الانحياز أحياناً أو الهجوم أحيانا أخرى، من أجل أمور إما مادية أو شخصية…الخ، أدت إلى إشاعة بعض الأعمال الفنية الهابطة، وهذا بدوره أضعف النقد الفني وأفقده فاعليته، وأثّر على الأعمال الفنية وخلق فجوة بين المتلقي والعمل الفني، مما أعطى المجال أمام بيئة انتشرت في مفاصله الأمية البصرية والمفاهيم الكرنفالية والأقرب إلى احتفالية تقوم بتلميع مفاصل الاحتفال وغياب القيمة في العمل الفني.
ويعتقد العامري أن الشرط العضوي في إنقاذ النقد والفن، هي الحرية؛ فلا يمكن أن يتطور النقد بصورة عامة والنقد الفني بصورة خاصة إلا بالتحرر من الخوف والرقابة الخارجية والداخلية، الذي تسود محيطه ثقافة نصيّة تقليدية، وتطغى عليه أميّة بصريّة ، يضعنا أمام مشهدْ مضبّب الأفق، وغائم الرؤية في منطلقاته وتوجّهاته.
وعن سؤال البدايات في الفنون التشكيلية السائدة في الأردن يشير العامري إلى أن بوادرها الاولى كانت على هيئة تغطيات صحافية تتمثل بذكر عدد اللوحات وطبيعة الموضوعات وموصوفات عامة في غالبها تميل إلى التغطية الصحافية، فمن الاوائل الذين كتبوا في هذا المجال الفنان توفيق السيد في نهاية الستينيات من القرن الفارط، وجاوره في ذلك الكاتب محمد البطراوي، ثم انتعشت الكتابة في هذا المجال في السبعينيات عبر الفنان رباح الصغيّر وعبد الرؤوف شمعون وحسان أبو غنيمة الذي اختص في الغالب في الكتابة عن السينما، وظهرت اسماء كان لها الحضور الواضح في الثمانينيات منهم : د. مازن عصفور، ود. إبراهيم أبو الرب، والفنان والروائي محمود عيسى موسى، وإبراهيم السطري، وغازي انعيم، ومحمد أبو زريق، وعدنان يحيى، ومحمد الجالوس، وأحمد كوامله، ومحمد العامري، وغسان أبو لبن، وحسين دعسه وحسين نشوان وآخرون.
وخلص العامري إلى النقاط الأساسية التي لا بد من تجاوزها لتأسيس وعي نقدي بالفن التشكيلي في الأردن، وهي : قلة الدراسات المتخصصة في مجالات النقد التشكيلي. عدم وجود دورات تأهيلية للذين يمارسون الكتابة التشكيلية. عدم احتفاء المناهج التربوية في مسألة النقد التشكيلي. شيوع الكتابة الوصفية المضللة عن الفن التشكيلي. عدم اهتمام المءسسات الإعلامية بالفنون التشكيلية. عدم وجود برامج توعوية في المرئي والمسموع والمكتوب. عدم وجود مناخات حرة للكتابة. انتشار المجاملات أو الكتابات الاخوانية في التشكيل الأردني.

ادارة الرابطة

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Telegram